ملف كامل عن الرحمة المهداة محمد صلى الله عليه وسلم '''''' وما ارسلناك الا رحمة للعالمين '''''' 1
كاتب الموضوع
رسالة
اسيل مديرة المنتدى
عدد المساهمات : 1302 الموقع : https://assil.mam9.com/ تاريخ التسجيل : 02/11/2013 نقاط : 3394 السٌّمعَة : 3
موضوع: ملف كامل عن الرحمة المهداة محمد صلى الله عليه وسلم '''''' وما ارسلناك الا رحمة للعالمين '''''' 1 الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 1:44 pm
مجتمع الرحمة
إن أهم مظهر للرحمة يبديه الراعي الرحيم تجاه رعيته، هو أن يعلِّمهم بناء مجتمع الودِّ والتراحم والصفاء، وهذا هو عين ما دعا إليه محمد (صلى الله عليه وسلم) رعيته بقوله: «مَثَلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى»[1].وكان يرشد رعيته إلى كيفية تمتين هذا البناء فيقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»[2]. قال الأب ستيفانو: هذا قول جميل، لكن كيف تطبِّقه الرعية في الواقع؟ قلت: لقد علَّم (صلى الله عليه وسلم) رعيته كيف تطبِّقه فقال: «ما مِن مسلمَين يلتقيان، فيتصافحان، إلا غُفر لهما قبل أن يتفرقا»[3]، وقال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة»[4]، وقال مخاطباً رعيته: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم»[5]، وقال: «الدين النصيحة. قالوا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»[6]. وأردفت: بهذا المنهج بنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مجتمع الرحمة والمحبة.. بالكلمة الطيبة، وبالمصافحة الودود، وبالمحبة الصادقة، وبإفشاء السلام، وبنصيحة المسلمين بعضهم بعضاً.. أيكون مثل هذا المجتمع فظاً قاسياً؟ قال الأب ستيفانو: إن مجتمعاً بُني على هذا، وإنَّ مدرسةً علَّمت هذا، لن يخرج منهما إلا كل بَرٍّ رؤوفٍ رحيم. * * * قلت: ثم إن على الراعي الرحيم تجاه رعيته، أن يشيع الأمن فيما بينها، وهذا ما دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: «أفضل المسلمين من سَلِم المسلمون من لسانه ويده»[7]. وقال: «ألا أخبركم بالمؤمن؟ مَن أمِنَه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب»[8]. وجاءه مرة أحد المسلمين يسأله عن أفضل الأعمال التي تقربه من الله سبحانه، فأرشده إلى بعض تلك الأعمال الصالحة.. فقال السائل: فإن لم أستطع - أي أن أفعلها - فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «تَدَعُ الناس من الشر، فإنها صدقة تصَّدّق بها على نفسك»[9]. وأرشد رعيته ذا ت مرة إلى ضرورة بثِّ الصدقة في المجتمع الإسلامي. وهنا بادر الأب ستيفانو سائلاً: وهل كان هذا المجتمع فقيراً إلى هذا الحد؟ قلت: على رِسْلك، فالصدقة في المجتمع الإسلامي يقدِّمها الفقراء أكثر من الأغنياء. فقال متعجباً: كيف؟! قلت: عندما أرشد (صلى الله عليه وسلم) رعيته إلى ضرورة بثِّ الصدقة في المجتمع المسلم قال: «على كل مسلم صدقة. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق. قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: يأمر بالخير. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك عن الشر فإنها صدقة له»[10]. وأردفتُ: وبمثل هذه الرحمة الإرشادية، التي تنفِّر من الشر وترغِّب بالخير، استطاعت الرعية أن تتغلب على الشر.. وشاع الأمن في المجتمع الإسلامي[11]. * * * قال الأب ستيفانو: ما أجمل أن يتحقق ويسود الأمن بلا جهاز مخابرات، ولا وزارة داخلية.. بل بكلمات طيبة مليئة بالودِّ والرحمة! لكنَّ هذا يتحقق إن كانت الرعية خالية من عناصر السوء، وهذا لا يكون. قلت: إن رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) برعيته، لم تُغفل وجود عنصر السوء فيها، ولقد عالج (صلى الله عليه وسلم) هذا فقال: «مَن أكَلَ برجلٍ مسلم أكلةً فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن اكتسى برجل مسلم ثوباً فإن الله يكسوه مثله في جهنم، ومن قام برجل مسلم مقام سُمعة فإن الله يقوم به مقام سمعة يوم القيامة»[12]. وأردفتُ: وبمثل هذا الإرشاد.. انتفى عنصر السوء من نفوس الرعية أو كاد. قال: لقد استطاع محمد أن يجعل من ضمير كل مسلم مراقباً لا يفارقه!. * * * قلتُ: ثم على الراعي الرحيم أن لا يهمل الأماكن العامة التي تتواجد فيها رعيته، وبخاصة الطرقات.. وهذا مالم يهمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بناء المجتمع الإسلامي، فقد حدَّث صاحبُه أبو هريرة قال: «قلت: يانبي الله، علمني شيئاً أنتفع به، قال: اعزل الأذى عن طريق المسلمين»[13]. وأردفتُ: أرأيت؟! لقد جعل هذا الرحيم برعيته، مِن مهنة مَن نسمِّيه (القمَّام أو الزبَّال) مهنةً تشفع لصاحبها وتنفعه عند الله سبحانه، وكان هذا كافياً لأن يُقبِل كل مسلم على إماطة الأذى عن الطريق، سواء أكان من خاصة المسلمين أم من عامتهم. أما إن وُجد عنصر السوء هنا، فقد عالج (صلى الله عليه وسلم) أمره بقوله: «من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم»[14]. وأردفتُ: وهكذا حُفِظَت الطرقات بلا حرس ولا عسس!. فقال بإعجاب: وأين الحرس والعسس من شرطي الضمير؟!. * * * قلت: ثم على الراعي الرحيم أن لا يُعنِت رعيته، وأن لا يكلِّف أحداً فوق طاقته، وقد خشي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يأمر المسلمين بما ليس في طاقتهم فِعلُه فقال: «فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم»[15]. وكان دائماً يحاول أن يجنِّبهم صعاب الأمور، إن كان السهل ميسراً، ويعطيهم مثلاً من نفسه. فقد روي عن زوجته السيدة عائشة أنها قالت: «ما خُيِّر رسول الله بين أمرين إلا أخذ أيسرهما، مالم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه»[16]. قال الأب ستيفانو مؤكِّداً: إن التيسير على الرعية هو من أهم مظاهر الرحمة بها. * * * قلتُ: و الراعي الرحيم يتجاوز عن أخطاء رعيته تجاهه.. وهكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد روى عنه صاحبه وخادمه أنس بن مالك قال: «كنت أمشي مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعليه بُرد - ثوب - نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة! حتى نظرتُ إلى صفحة عاتقه وقد أثَّر بها حاشية البُرد من شدة جبذته! ثم قال: يا محمد، مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء»[17]. قال الأب ستيفانو: تُرى لوأن محمداً قابل الإساءة والخشونة والغلظة بمثلها، أما كان يرتدع مثل هذا الأعرابي، ويتهيب أن يتصرف على هذا النحو الفظ الغليظ؟ قلت: وأين أنت من آيات القرآن الكريم التي تدعو النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين جميعا ًإلى الصفح والعفو والمغفرة؟ تقول الآية القرآنية: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾[18]. و تقول الآية القرآنية: ﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[19]. وتقول الآية القرآنية: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[20]. وتقول الآية القرآنية: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾[21]. وأردفتُ: ثم لو قابل الإساءة والخشونة والغلظة بمثلها، لما وُصِف بالرحمة، ولما رأيتَ اليوم مسلماً على وجه الأرض. قال: كيف هذا؟. قلت: هذا ماتقوله الآية القرآنية مخاطبة النبي (صلى الله عليه وسلم): ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾[22] أي لانتهى أمر الإسلام من حيث بدأ، فالإسلام دين لا ينتشر بين الناس إلا بالتي هي أحسن، بالكلمة الطيبة، وبالفعل الرحيم. قال:صدقت.
ملف كامل عن الرحمة المهداة محمد صلى الله عليه وسلم '''''' وما ارسلناك الا رحمة للعالمين '''''' 1