عدد المساهمات : 1302 الموقع : https://assil.mam9.com/ تاريخ التسجيل : 02/11/2013 نقاط : 3394 السٌّمعَة : 3
موضوع: '''''' وما ارسلناك الا رحمة للعالمين '''''' 3 الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 1:54 pm
مظاهر الرحمة للبشر في شخصية محمد
(صلى الله عليه وسلم) بعد البعثة
بدأ الأب ستيفانو متابعاً الحديث فقال: - لا أكتمك أنني كنت أستروح مظاهر الرحمة للبشر في شخصية محمد، بل وفي شخصية كل عربي، منذ قرأت في سابق أيامي عبارةً لأحد المؤرخين الغربيين النابهين[1] تقول: «لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب»، ولقد وجدت فيها إشادة بعنصر الرحمة عند الجنس العربي كله، لأن الفاتحين من العرب كانوا يمثلون هذا الجنس بكل أطيافه. قلت: إنَّ كل عربي يقرأ هذه العبارة، لا بد أن تفيض نفسه بالشكر والامتنان لصاحبها، على ما يُكنُّه من مشاعر نبيلة تجاه العرب. لكن لو استبطن صاحب هذه العبارة حقيقة التاريخ، لقال بدلاً منها: «لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من تلاميذ مدرسة محمد». قال: ولِمَ هذا التصحيح لعبارةٍ وُضعت في معرض المدح والثناء؟ قلت: لأن العرب قبل محمد (صلى الله عليه وسلم)، كانوا بُداةً جُفاة، تدور بينهم الحروب الطاحنة من أجل بعير... من أجل حصان... من أجل رهان... وكان منهم من يئد البنات ويدفِنُهُنَّ أحياء تخلصاً من أن يُقال: رُزَق فلان بنتاً ولم يُرزق ولداً! وفي هؤلاء تقول الآية القرآنية: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ{58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾[2]، وكان عندهم من القسوة مثل ما عند غيرهم من الشعوب الأخرى[3]... فلما بُعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، تغيرت حالهم رأساً على عقب... لقد دخلوا مدرسة محمد جُفاةً قُساةً... فلما تخرجوا فيها، إذا هم أرحم أمة عرفها تاريخ الفتوحات[4]. قال: إذاً مدرسة محمد هي التي علَّمت الفاتحين العرب الرحمة؟. قلت: أجل. قال: هل لك أن تحدثني ماذا كان يعلِّم محمد في مدرسته هذه[5]؟ قلت: لم يكن يعلم فيها سوى الرحمة. قال باستغراب: كيف هذا!؟ وقد خرجوا منها بِدينٍ مكتمل، نشروه في أصقاع الأرض، ودانت به الشعوب؟! قلت: أتدري ما هو الدين الذي علَّمه محمد الناسَ في مدرسته؟ قال: هو الإسلام. قلت: والإسلام هو دين الرحمة فقط، لا شيء غيرها. قال: كيف؟ أفصح. قلت: يقول الله تعالى في القرآن الكريم مخاطباً رسوله محمداً (صلى الله عليه وسلم)، ومبيناً سبب إرساله إلى الناس: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾[6] أترى في هذه الآية شيئاً غير الرحمة يُطلب من رسول الله أن يقدمه للبشر؟ قال: بل هي تحصر الغاية والهدف من رسالة محمد، في الرحمة فقط. قلت: أتدري ما معنى هذا؟ قال: ما معناه؟ قلت: معناه أن جميع ما جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم) مُرسلاً من عند ربه، وجميع ما اشتملت عليه رسالته من عبادات ومعاملات، وآداب وأخلاق، وحقوق وواجبات... كل ذلك إنما هو مبني على أساس الرحمة للبشر كافة!. وأردفت: بل حتى العقوبات الشرعية، من حدود وقصاص وتعزير... إنما هي رحمة للبشر، لما فيها من قطعٍ لدابر الشر، ومنعٍ للفساد من أن يستشري في المجتمعات... بينما هو يستشري اليوم كما تعلم، بسبب التشريعات والقوانين التي وضعها المُشرِّعون من البشر بأنفسهم، منصرفين عما شرع الله سبحانه للناس كافة[7]. قال: أنا أتفق معك في هذا، وحبَّذا لو حدثتني عن الطريقة التي كان محمد يعلِّم بها الناسَ الرحمةَ في مدرسته.