غالبا ما يعاني الأولاد من أعراض الرشح التي لا تنتهي وتمتد على أسابيع وتؤدي احيانا الى مشكلات في الأذنين وغيرها ويبقى الاعتقاد سائدا ان المشكلة في الفيروسات، الا ان الواقع غير ذلك، اذ يعاني بعض الأولاد من التحسس لأسباب عدة أعراضها متنوعة حدثتنا عنها الاختصاصية في أمراض الحساسية والربو الدكتورة زينة باز.
الحساسية عند الاطفال ممكن ان تظهر في الجهاز التنفسي، او في الجلد او العينين او في المعدة، وهي مرتبطة عموما بالتحسس على المواد الغذائية. ومن الممكن ان تبدأ الحساسية من عمر الشهر او قد لا تظهر ابداً لتظهر فجأة في عمر متقدم. وتعتبر الحساسية في ٨٠ في المئة من الحالات من العوامل الوراثية، من جهة الوالد او الوالدة، وبعضها يظهر بنسب قليلة من دون أسباب وراثية. وأول الأعراض في الأعمار الصغيرة هي حساسية الجلد اي (الاكزيما) وتكون ناتجة من الطعام، بعدها بأشهر يبدأ التحسس بالمجاري الهوائية عن طريق السعال او صفير في الصدر وفي الأنف، وقد تبدأ بسعال من دون اي أعراض جلدية.
أكثرية اللبنانيين يعانون التحسس من العث الموجود في الغبار، وهو موجود في كل المنازل طيلة السنة بسبب الرطوبة، وتزايده يسبب كل انواع التحسس. العث موجود في الفراش والوسادة والسجاد والألعاب (البولوش) والطريقة الوحيدة لحماية المريض هي في تغليف الفراش والوسادة، خصوصا ان ثلث الوقت نقضيه في الفراش، وحماية المريض من الغبار يكون بالتنظيف.
هناك قسم آخر من اللبنانيين يعاني تحسسا على الرحيق من الأشجار والأعشاب والشجيرات البرية. وأكثر ما نعاني منه هو رحيق حشيشة الزجاج وشجر الزيتون والسرو والعشب البري. وهذا لا يكون بالضرورة على الشجرة القريبة مثلا في حديقة المنزل، قد يكون اثناء الموسم ولكل منهم موسمه وليس بالضرورة ان يكون خلال الربيع فقط، فقد يستمر التحسس طيلة السنة.
ويؤدي التحسس في الجهاز التنفسي الى احمرار في المجاري الهوائية والقصبة والى التهاب، مما يجعل المريض يشعر بصعوبة في التنفس وسعال لتنظيف القصبة من البلغم، وترك هذه الحساسية من دون علاج قد تؤدي الى الربو وأعراضه. ومن اكثر الامراض المزمنة التي يعانيها الاطفال في العالم هي تحسس الأنف الناتج عن العث والرحيق وغيره. وأبرز الأعراض الرشح الدائم، والفرق بين الرشح الناتج من التهابات فيروسية هو انه يبقى مدة أقصاها الأسبوع الا ان أعراض الرشح التي تستمر اكثر من ذلك فهي بسبب التحسس جراء ما ذكرناه، وإذا بقيت من دون علاج فعّال قد تؤثر على الاطفال بمجالات عدة: منها قلة النوم او النوعية السيئة للنوم، غياب التركيز في الصف وسببه المرض وليس الأدوية، او قد يعانون من التهاب في الأذنين او الجيوب الأنفية، وهذا يؤدي الى تغيير في شكل الفم والأسنان، لأن التنفس يتم من خلاله بصعوبة.
والتحسس الجلدي غالبا ما يترافق مع الربو، أسبابه قد تكون من المحسوسات التي نلتقطها في الهواء من الرحيق والعث، تؤكد الدكتورة باز، او قد يكون من بعض المواد الغذائية مثل الحليب، البيض والقمح، او الأسماك والمكسرات او الصويا. اعراضه الحكة والاحمرار والنشاف في الجلد (الأكزيما) او اللطخات البيضاء. وأكثرية الأولاد في عمر السنتين يتخلصون من هذه الحساسية، ولكن بعضهم معرضون للإصابة بأنواع اخرى من التحسس مثل الربو، وهذه الأمور اذا لم تعالج قد تتفاقم في شكل مزعج.
حساسية الأكل هي من اهم انواع التحسس في اول سنتين من حياة الطفل ومن ابرز أعراضها الإسهال او الإمساك او الآلام او تأخر في النمو او الارتداد المريئي.
أما حساسية العينين فمن ابرز أعراضها الحكة والاحمرار في العينين مع التلميع وقد تحصل في اي وقت من ايام السنة وفق الموسم وما يعانيه الشخص. والتحسس في العينين اذا كان خفيفا في الإمكان ان يتحسن مع العلاجات. اما اذا كان قويا، فقد يجرح شبكية العين، من هنا ضرورة العلاج كي لا يصاب الشخص بالحكة.
واعتبرت ان أبرز العلاجات هي للسيطرة على الالتهاب جراء التحسس، ومنها الكريمات او البخاخ في الأنف وللقصبة الهوائية، نقط في العينين والانتباه للمواد الغذائية المسببة للتحسس، فيما توقف الدواء يعني عودة التحسس. والطريقة الوحيدة لتوقيف الدواء هي دفع الجسم لتقبل المادة التي يرفضها من خلال إعطائها بالحقن او بالنقط من طريق الفم. وهذا العلاج متخصص، ويجب ان يجريه الأطباء المتخصصون فقط وهو فاعل لفئة معينة من المرضى ولا يصلح للجميع، والعلاج يستمر ٣ سنوات ولكل مريض طريقته الخاصة ويخدم لنحو ١٥ سنة بعد انتهائه.