في لباس المرأة في الصلاة
السـؤال:ما هو لباسُ المرأة في الصلاة؟ وهل يجب عليها تغطيةُ قَدَمَيْهَا حالَ أداء الصلاة؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجـواب:الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:فإنَّ أقلَّ ما يجب على المرأة في الصلاة الخِمارُ والدِّرْعُ السابغُ، فقد كانت أُمُّ سَلَمَة
(١) وميمونةُ
(٢) من أزواجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم تُصلِّيانِ في دِرْعٍ وخِمارٍ ليس عليهما إزارٌ، وقد صَحَّ عن عطاءٍ وعُروةَ بنِ الزُّبَيْرِ وجابر بنِ زيدٍ والحسنِ وغيرِهم
(٣) القولُ بأنَّ صلاةَ المرأةِ يكفيها الدِّرعُ والخِمارُ، أَمَّا ما أُثِرَ عن عُمَرَ
(٤) وابنِهِ
(٥) أنَّ المرأةَ تُصلِّي في الدِّرع والخِمار والمِلْحَفَةِ فلا ينافي ما تقرَّر، لإمكان حمله على الاستحباب ومزيدِ الاحتياط.
وعليه، فإن كانت صلاةُ المرأةِ بحضرة زوجِها أو محارمها أو نساءِ المؤمنين فلا يَضُرُّ انكشافُ قَدَمَيْهَا وبخاصَّةٍ في حالة الركوع والسُّجود، أَمَّا إذا كانت بحضرة الأجانب فلا يجوز كشفُ قَدَمَيْهَا بحالٍ، بل الواجب سَتْرُهما عَمَلاً بحديث: «المرْأةُ عَوْرَةٌ»
(٦)، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «تُرْخِي ذِرَاعًا، لاَ تَزِيدُ عَلَيْهِ»
(٧)، ففيه دلالةٌ على وجوبِ تغطية القدمين مع الأجانب، فضلاً عن كون ذلك أبعدَ لها من الفتنة وآمَنَ لها من الشرِّ، وأحوطَ للمسلمين.
أمَّا حديث أُمِّ سلمة رضي الله عنها وفيه:
«الدِّرْع سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا»
(٨)، فهو ضعيفٌ مرفوعًا وموقوفًا.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.الجزائر في: ٢٩ رمضان ١٤١٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ جانفي ١٩٩٨م
(١) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (٥٠٢٧)، والأثر صحَّحه الألباني في «تمام المنَّة» (١٦٢)، وغلام قادر الباكستاني في «ما صحَّ من آثار الصحابة في الفقه» (١/ ٢٧٩).
(٢) أخرجه مالكٌ في «الموطَّإ» كتاب الصلاة، باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار (١/ ١٤٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٣٠٧٣)، والأثر صحَّحه الألباني في «تمام المنَّة» (١٦٢)، وغلام قادر الباكستاني في «ما صحَّ من آثار الصحابة في الفقه» (١/ ٢٧٩).
(٣) انظر هذه الآثار في: «المصنَّف» لابن أبي شيبة (٢/ ٣٦ وما بعدها)، و«المصنَّف» لعبد الرزَّاق الصنعاني (٣/ ١٢٨ وما بعدها)، و«ما صحَّ من آثار الصحابة في الفقه» لغلام قادر الباكستاني (١/ ٢٧٨-٢٧٩).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٢/ ١٢٩)، والأثر صحَّحه ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (١/ ١١٠)، وابن حجر في «المطالب العالية» (١/ ١٦٢)، والألباني في «تمام المنَّة» (١٦٢).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٢/ ١٢٩)، والأثر صحَّحه الألباني في «جلباب المرأة المسلمة» (١٣٥)، وفي «تمام المنَّة» (١٦٢).
(٦) أخرجه الترمذي في «الرضاع» (١١٧٣) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢/ ١٥٦): «رجاله موثوقون»، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢٦٨٨)، والوادعي في «الصحيح المسند» (٨٨١).
(٧) أخرجه أبو داود في «اللباس» باب في قدر الذيل: (٤١١٧)، والنسائي في «الزينة» باب ذيول النساء (٥٣٣٧)، وابن ماجه في «اللباس» باب ذيل المرأة كم يكون (٣٥٨٠)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٤٦٠).
(٨) أخرجه مالك في «الموطَّإ» كتاب الصلاة، باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار (١/ ١٤٢)، وأبو داود في «الصلاة» باب في كم تصلِّي المرأة (٦٣٩)، (٦٤٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٣٢٥٠، ٣٢٥١)، مرفوعًا وموقوفًا عن أمِّ سلمة رضي الله عنها. والحديث أَعَلَّهُ بالانقطاع ابنُ القطَّان في «أحكام النظر» (١٨٤)، وضعَّفه الألباني في «الإرواء» (١/ ٣٠٣).