عيدين الاجتماعي والتربوي 08 mars 2011 - 1 zoom بقلم: نهاري امبارك؛ مفتش في التوجيه التربوي، مكناس، المغرب. تقديم: إلا أنه ومع تعدد وظائف وخدمات الهاتف النقال، كثرت استعمالاته، وأضحى كل فرد متعلقا به إلى حد الإدمان، يعتبر الهاتف المحمول، أو النقال أحد وسائل الاتصال اللاسلكي المتطور الذي أنتجته التكنولوجيا الحديثة. حيث يتم الاتصال عن طريق إشارات ذبذبية عبر محطات إرسال أرضية منها وفضائية ترتبط لاسلكيا بعدة أبراج موزعة على مساحة معينة. وقد تطور جهاز الهاتف المحمول بسرعة مذهلة. فبالإضافة إلى كونه وسيلة اتصال صوتي، تعددت استعمالاته ووظائفه، لتجعل منه جهاز كمبيوتر لحفظ معلومات كثيرة ومتعددة، وتصفح مواقع الأنترنيت، كما تجعل منه جهاز راديو للاستماع إلى الأخبار والموسيقى والأغاني وتتبع عدة برامج على الهواء، وآلة تصوير تضاهي الكاميرات الرقمية اشتغالا وجودة، وأداة استقبال البريد الصوتي وإرسال واستقبال الخطابات القصيرة، وأداة للعب والتسلية. وقد أصبحت معلومات كثيرة ومعطيات متعددة في متناول الإنسان، رسالة وصوتا وصورة، في وقت وجيز، حيث يتم تبادل مكالمات وتعرف أحداث ووقائع، في قضايا ومجالات كثيرة ومتنوعة، من جميع أنحاء العالم. ولما تعددت وظائف الهاتف النقال أصبح الإقبال عليه يتزايد يوما بعد آخر، وأصبح كل بيت لا يخلو من عدة هواتف محمولة، ولجميع أفراد الأسرة الواحدة، بعد أن كان زمانا، جهاز واحد للهاتف الثابت، يخلق متاعب جمة لرب كل أسرة، استعمالا وأداء. إلا أنه ومع تعدد وظائف وخدمات الهاتف النقال، كثرت استعمالاته، وأضحى كل فرد متعلقا به إلى حد الإدمان، يستعمله أين ما حل وارتحل لقضاء مآرب متعددة ومتباينة في كل لحظة وحين، يشغله حتى وإن لم يقض أي غرض، ليلعب ويتسلى ويستمع إلى أغاني وموسيقى وغير ذلك من الملاهي لقتل الوقت، سواء داخل المنزل أو خارجه، في الشارع، في المقهى، في الملهى، في أي مكان. لقد أضحى الهاتف المحمول، يستهلك وقتا، لاشعوريا، من أي كان، رجلا، امرأة، شابا، شابة، طفلا، راشدا، قاصرا، حيث يهيمن على كل شخص ويشغله لمدة زمنية ليست يسيرة، يصرفه عن القيام بمهامه وينسيه واجباته وارتباطاته ومواعيد أشغاله وأعماله اليومية، فأصبح عامل اضطرابات ونزاعات على الصعيد الاجتماعي والتربوي. فما هي آثار الهاتف النقال على الصعيدين الاجتماعي والتربوي؟ وأي الأساليب التي يمكن انتهاجها لترشيد استعماله اجتماعيا وتربويا؟ I. الآثار الاجتماعية: وقد لا يتوانى أحد في نعت الآخر بالمبذر والمدلل لأطفاله، ودفع أطفال الأسر الأخرى إلى التمرد على آبائهم وإجبارهم على توفير لهم ما توفر لجيرانهم من المعلوم أن مستويات العيش متباينة لدى الأسر، وتختلف باختلاف الدخل والأجرة والأرباح لدى أرباب هذه الأسر؛ كما أن نفقاتها تختلف باختلاف عدد الأطفال وعدد الأشخاص الذين يعيشون تحت نفس السقف وفي كنف رب الأسرة الذي يعتبر المسئول عن السكن والتغذية والتطبيب والعناية اللازمة لكل فرد. إن مختلف الخدمات والالتزامات تتطلب مصاريف قد ترتفع وتنخفض ارتباطا بمدخول الأسرة وعدد الأفراد المتشكلة منهم ومتطلباتهم اليومية. وفي الوقت الحاضر، وبعد التطور الحاصل في الميدان التكنولوجي، يلاحظ أنه قد انضاف إلى هذه الالتزامات والمتطلبات، جهاز الهاتف النقال ومستتبعاته، من تعبئة وصيانة واستهلاك الكهرباء لشحن البطاريات، فترتفع المصاريف المالية حسب أعداد الهواتف المحمولة المستعملة داخل البيت ولدى أفراد الأسرة، خصوصا الأطفال والقاصرين، الذين لا يرتاح لهم بال حتى يحصلوا على أفضل أنواع الهواتف المحمولة وأكثرها خدمات وتطورا. فيظهر التنافس جليا وعلى أشده بين الأخوات والإخوة، من جهة، وبين الأسر، رجالا ونساء وأطفالا من جهة أخرى. ويحتدم الصراع والنزاع، ويكثر الشنآن، فيضطرب المناخ الأسري والاجتماعي، وقد تسوء العلاقات بين أفراد نفس الأسرة، وبين الأسر والجيران، تحت وطأة اختلاف الثقافات وأساليب التربية والنظرة الذاتية للقضايا في ارتباطها بالمستوى الثقافي ونمط العيش والدخل الأسري. وقد لا يتوانى أحد في نعت الآخر بالمبذر والمدلل لأطفاله، ودفع أطفال الأسر الأخرى إلى التمرد على آبائهم وإجبارهم على توفير لهم ما توفر لجيرانهم، والاتصاف بسلوكات سيئة، ورفض الانصياع لهم، ورفض التعامل معهم المعاملة الحسنة، واتهامهم برفض توفير لهم حاجيات ضرورية في نظرهم كسائر الأطفال. وقد ينعت فرد آخر بالتباهي والتبجح، فتسوء العلاقات بين الآباء وأبنائهم، الذين يبدون ليس لهم أي استعداد للفهم والتفاهم، فيتكهرب المناخ الأسري، وبالتالي الاجتماعي، بين الأسر والجيران، بين الرجال والنساء والأطفال.
Source : http://www.oujdacity.net/national-article-41056-ar/