السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في دراسة أجراها الدكتور محمد المليجي - أستاذ ورئيس أقسام النساء والتوليد بطب القاهرة - لتبين الحكمة من الحديث الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم - عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقتلوا أولادكم سرا، فإن الغيل يدرك الفارس قيد عثرة عن فرسه". (أخرجه أبو داود وابن ماجه في سننهما).
والحديث صحيح بلفظ آخر؛ وهنا يقسم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا تقتلوا أولادكم سرا فوالذي نفسي بيده إن الغيل ليدرك الفارس على ظهر فرسه حتى يصرعه". (أخرجه ابن حبهان في صحيحه والبيهقي في سننه والإمام أحمد في مسنده).
والغيل هنا (بالفتح) هو لبن ام المرضع إذا حدث لها الحمل في أثناء الرضاعة وسمي بالغيل لشدة ضرره فكأنما يغتال الطفل ويفتك به.
وكلمة "سرا" هنا - في قتل الطفل - غاية في الإعجاز اللغوي والعلمي، وذلك لثلاثة أسباب:
أولها: أن الحامل التي ترضع وليدها لا يلحظ أحد أنها حامل؛
واللبن الفاسد الذي ترضعه لوليدها قد فسد سرا، فلا يعلم بفساده وخطورته على الرضيع إلا الله سبحانه وتعالى، حتى الأم نفسها لا تدري أن اللبن قد فسد؛
كذلك يظل تأثير هذا اللبن الفاسد بحيث يؤثر في الرضيع مدى الحياة فيضعفه نفسيا وعقليا وصحيا، إلى درجة أنه قد يودي بحياته على المدى البعيد، فأيضا لن يدرك أحد – بل لن يتخيل أحد بعد سنوات طويلة – أن اللبن الفاسد هذا هو سبب هلاكه إلا المولى عز وجل فأصبح أيضا ذلك سرا لا يدرك..
وفي الدراسة التي أجراها د/ محمد المليجي والتي شملت ستين سيدة.. بعضهن مرضعات حوامل والأخريات مرضعات لسن بحوامل، قام بتحليل لبن الثدي لهن لمعرفة إلى أي مدى يحدث تغير في مكونات لبن الأم المرضع نتيجة للحمل، وقد فوجئ بأن نسبة اللاكتوز (سكر اللبن) والدهون قد انخفضتا، وبصورة إحصائية ملحوظة في لبن الأم الحامل، ولهذين المكونين أثر بالغ وأهمية قصوى لنمو المخ والجهاز العصبي، بل وسائر أنسجة الطفل الأخرى.