بسم الله الرحمن الرحيم
بفضل الله تعالى، أنتَ من أهل الطّاعة والإقبال عليه سبحانه، إذ هناك خلق كثير قد حُرِموا لذّة الطّاعة وطعم الإيمان، فهُم في المعاصي غارقون وعن الله محجوبون، قد طبع على قلوبهم والعياذ بالله.
لا تنس سؤال الله بالثّبات والتّوفيق في الطّاعات ‘’اللّهمّ أعِنِّي على ذِكرك وشُكرك وحُسن عبادتك’’، وأن تحمد الله عزّ وجلّ على الهداية ‘’الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كُنّا لنهتديَ لولا أن هدانا الله’’. قال أحد الصّالحين: [كفَى من جزائه إيّاك أن رضيك لها أهلاً]. نعم، فإنّ الله عزّ وجلّ لا يوفّق لطاعته إلاّ مَن شاء وأحبّ من عباده، قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. إنّ الطاعة منزلة لا يَرضاها الله عزّ وجلّ إلاّ لمَن شاء من عباده، قال بن عطاء الله: [إذا أردتَ أن تعرف مقامَك عند الله، فانظر فيما أقامك]. مثال ذلك أنّ الملك أو الرئيس مع جلالة الله وعظم قدره، لا يدعو لخدمته أو مشورته إلاّ مَن رآه أهلاً لقُربه وتكريمه، ثمّ إنّ المطيع وقد انغمس في لذّتها وذاق حلاوتها مستأنس بالله عزّ وجلّ، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرّحْمَنُ وُدًّا}، قيل الود هو الوصال والمحبّة. فكلّما ازداد المؤمن من الطّاعات، تدرَّج في مسالك السَّالكين نحو ربَّ العالمين، حيث منزلة الأولياء الّذين لا خوف عليهم ولا هُم يحزنون. جاء في الحديث القدسي: ‘’ولايزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنّوافل حتّى أحبُّه...’’، فإذا أحبّه الله عزّ وجلّ، قذف محبّته في قلوب عباده. قد توفّق للطاعة، ولكن لا يفتح لها باب القبول، لسبب من الأسباب والعياذ بالله، فتصبح بذلك الأعمال هباءً منثورًا. فهناك إذًا علاقة وطيدة وحلقة متينة بين الطّاعة والقبول، وأساس ذلك هو الإخلاص لله في العمل، والإخلاص هو معراج العمل إلى السّماء ومفتاح باب القبول.