الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
[size=undefined]أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله[/size]
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــ
[size=48]قصة آدم عليه السلام[/size]
[size=undefined]خلق آدم: شاءت إرادة الله ان يخلق بشرا في الأرض، فأخبر الملائكة المقربين بذلك، "استئناسا لا استشارة". قال سبحانه و تعالى: "و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون". سورة البقرة، الآية:30[/size]
[size=undefined]أخذ الخالق سبحانه و تعالى قبضة من تراب الأرض و مزجه بالماء، فصار طينا لينا، فسوى منه جسدا بيديه. ظل آدم جسدا لا روح فيه، حتى جاء الحين الذي أراد الله تعالى أن ينفخ فيه الروح، فجاءت الملائكة مع الله تعالى صفا صفا. قال تعالى: "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين (71) فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72)". سورة ص[/size]
[size=undefined]وليس هذا سجود عبادة، فالله وحده هو الذي يستحق السجود و العبادة، بل كان سجود تكريم وتعظيم كما أمر الخالق العليم.[/size]
[size=undefined]ثم نفخ فيه من روحه، فإذا بالجسد يتحرك، عطس آدم فأنطق الله لسانه بالحمد فقال: الحمد لله، فقال الله تعالى: يرحمك الله.[/size]
[size=undefined]وسجد الملائكة كلهم لآدم، و من الجن كان إبليس يشاهد هذه الإحتفالية بالمخلوق الجديد الذي ليس من الملائكة وليس من الجن، و رأى الملائكة تسجد لآدم فاستكبر و أبى أن يسجد.[/size]
[size=undefined]قال الله تعالى: "و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال ءأسجد لمن خلقت من طين". سورة الإسراء، الآية: 61[/size]
[size=undefined]و قال الله تعالى: "قال يا ابليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي [size=undefined]استكبرت أم كنت من العالين (75) قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (76)" سورة ص[/size][/size]
[size=undefined]وكان حكم الإله فيه ,لامتناعه عن السجود, متجليا في قوله تعالى: "قال فاخرج منها فإنك رجيم (77) و إن عليك لعنتي إلى يوم الدين (78)" سورة ص. فخرج ملعونا مطرودا و في نفسه حقد دفين على آدم و ذريته إلى يوم الدين. قال الله تعالى: " قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون (79) قال فإنك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين (83)" سورة ص. ووعده الله النار هو ومن اتبعه، قال تعالى: "لأملأن جهنم منك و ممن تبعك منهم أجمعين". سورة ص، الآية: 85[/size]
[size=undefined]وعرف آدم أن له عدوا هو إبليس، وهكذا يسدل الستار على هذا المشهد لينزاح عن المشهدالذي يليه.[/size]
[size=undefined]نصيب آدم من علم الله: انزاح الستار عن المشهد الثاني فإذا بالملائكة يقفون حيارى أمام أشياء عرضت على أنظارهم، وكان الحق سبحانه قد أودع في قلب آدم علما بتلك الأشياء خصه به دون الملائكة، قال تعالى: "وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين". سورة البقرة، الآية: 31. عجز الملائكة عن معرفة تلك الأشياء و مسمياتها. قال تعالى: "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم". سورة البقرة، الآية: 32.[/size]
[size=undefined]أمر الله آدم أن يخبرهم بأسماء تلك الأشياء المعروضة وعن حقائقها. فقال سبحانه: "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم"قال الله للملائكة: "ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات و الأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون". سورة البقرة، الآية: 33. إذ ذاك أدرك الملائكة أن آدم وبنيه ومن سيأتي من بعده هم الجنس الذي في إمكانه - بما أودعه الله فيه – أن يتحمل المسؤولية ويحمل الأمانة ويكون خليفة لله في الأرض.[/size]
[size=undefined]إحساس آدم بالوحدة و خلق حواء: كان آدم محط تقدير الملائكة وإعجابهم بذكائه ونباهته، وود آدم لو يحادث الملائكة ويستأنس بقربهم، غير أنهم كانوا منشغلين عنه بعبادة خالقهم، وأحس بالوحدة. وذات يوم وهو مستغرق في نومه إذا به يستيقظ على حركة يحسها بجانبه، التفت فرأى امرأة جالسة عند رأسه تنظر إليه. فسألها آدم: من أنت؟ قالت: أنا منك و إليك. قال: أنت امرأة؟ قالت: نعم، انا كما قلت. قال: كيف جئت؟ قالت: خلقني الله من نفسك وأنت نائم. قال: وهل تدرين لما خلقك؟ قالت: لتسكن إلي وتستأنس بي. وقالت الملائكة: ما اسم هذا المخلوق يا آدم؟ قال آدم: هي حواء. الملائكة: و لما سميتها حواء؟ قال: لأنها خلقت مني وأنا حي.[/size]
[size=undefined]النسيان سبب الحرمان: وأكرم الله آدم و حواء بإسكانهما الجنة ولهما أن يأكلا ثمارها وطعامها ما يشتهيان، إلا شجرة واحدة لا يجوز لهما الإقتراب منها. قال تعالى: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة و كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين". سورة البقرة، الآية: 35. وحقد إبليس عليهما وقرر أن يوسوس لهما حتى يخرجهما من الجنة ويكون مصيرهما الطرد منها. وعرف إبليس أن الله سبحانه وتعالى قد نهاهما عن الأكل من إحدى شجرات الجنة، فانتظر حتى اقتربا من تلك الشجرة المحرمة وراح يوسوس لهما. ويغريهما بالأكل منها ولكنهما كانا يبتعدان عن تلك الشجرة امتثالا للنهي عن الأكل منها .. وأخيرا قال لهما إنها شجرة الخلد. قال تعالى: "فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى (117) إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى (119) فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى (120) سورة طه[/size]
[size=undefined]وامتدت الأيدي إلى الشجرة وأكل آدم وحواء من ثمارها، وسعد إبليس بنجاح خطته. وأحس آدم وحواء بالندم ولم يشعرا إلا وهما عاريين من اللباس يلتمسان أوراق الشجر لستر عورتيهما. قال تعالى: "فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين". سورة الأعراف، الآية: 22. وعاتب الله آدم وحواء فراحا يستغفران الله، ويعلنان توبتهما وندمهما على ما فعلا.[/size]
[size=undefined]قال تعالى: "قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين". سورة الأعراف، الآية: 23 وكانت توبتهما صادقة فتاب الله عليهما، قال تعالى: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم". سورة البقرة، الآية: 37[/size]
[size=undefined]هبوط آدم وحواء إلى الأرض: قبل الله توبة آدم وحواء وعفا عنهما، غير أنه أمرهما أن يهبطا من الجنة إلى الأرض. قال تعالى: "قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين". سورة الأعراف، الآية:24 كانت مواجهة آدم وحواء لحيوانات الأرض ووحوشها الضارية تتطلب استحضار التفكير واستعمال الحيلة ضمانا للحصول على لقمة العيش ودرءا لألم الجوع الذي لم يشعرا به وهما في الجنة. كان عليهما أولا أن يبحثا عن مكان آمن يأويان إليه، ولم يكن أمامهما سوى الإلتجاء إلى كهوف الجبال للاحتماء، ولم يلبثا أن رزقا الأبناء فاشتد بهم أزرهما. فكانت حواء تلد في كل مرة ذكرا وأنثى. وقد أباح الله لآدم أن يزوج كل ابن بأخته التي ولدت مع أخيه الآخر، ولم يكن يحل للأخ أن يتزوج أخته اللتي ولدت معه، وعلى هذا المنوال أخذ النسل يتكاثر.[/size]